تمسمان هي قبيلة كبيرة مترامية الأطراف تتموقع جغرافيا في الريف الشمال الشرقي للمغرب بين مدينتي الحسيمة و الناظور و تتبع إقليم ادريوش إداريا و إقليميا و ذلك حسب التقسيم الإداري الجديد فقد كانت فيما قبل تابعة لإقليم الناظور لكن في السنوات الأخيرة تم تحويلها إلى الدريوش القريب منها
و تنقسم إلى أربع جماعات و هي
جماعة تمسمان
جماعة بودينار
جماعة بني مرغنين
و جماعة اولاد أومغار
تعتبر منطقة قبيلة تمسمان من المناطق الريفية الجميلة التي يوجد فيها الكثير من التضاريس خاصة موقعها الذي يجعل منها شمسا مشرقة بين جبال الريف الشامخة و البحر الأبيض المتوسط من جهة الشمال و تتنوع تضاريسها من بين جبال و هضاب و سهول و سواحل تمتد مساحة شاسعة لتتحول إلى واحدة من أجمل المناطق الريفية من حيث عدد الشواطيء المتاحة للإستجمام و خاصة وقت الصيف أما في فصل الشتاء فإنها تكون وجهة مفضلة لمن تهمهم هواية صيد الأسماك
و تنقسم هذه المنطقة [قبيلة تمسمان] إلى العديد من المناطق القروية و البلدات و المداشر التي يسكنها الناس و يمكن تصنيفها إلى أربعة أصناف حسب نوعية التضاريس المتواجدة في المنطقة :
مناطق جبلية و مناطق هضابية و مناطق ساحلية و مناطق منخفظة
من بين المناطق الجبلية نجد مثلا منطقة جبل ادهار أبران المعروف و الذي وقعت فيه تلك الملحمة البطولية التاريخية بين المحتل الإستعماري الإسباني الغاشم من جهة و المجاهدين الأحرار و الأبطال من جهة و قد حالف الحظ المجاهدين و كانت نهاية المستعمر هنا
منطقة أيت يعقوب و هي أيضا من المناطق الجبلية المرتفعة حيث يقطنها مجموعة من المواطنين المحليين
منطقة أخشاب نومغار أو ما يسمى بـ اولاد أمغار و هي أيضا من المناطق الجبلية ..
منطقة تيزي عزا و هو ممر جنوبي أو أحد المداخل المؤدية إلى تمسمان و يعتبر هذا الطريق من أكثر الطرق وعورة و خطورة على السائقين لأنه طريق فيه الكثير من الإلتواءات و الإعوجاجات مما قد يؤدي إلى أشياء خطيرة .. وحوادث مميتة و قد حدث هناك الكثير من حوادث السير ..
كل هذه المناطق يمكن أن نسميها مناطق جبلية بحيث يوجد الكثير من التسميات المحلية لهاته المناطق لا يعرفها الكثير من الناس و اكتفيت فقط بذكر المناطق المعروفة أو التي نسمع عنها .. و يوجد الكثير من المداشر هناك بالقرب من منطقة ادهار أوبران نذكر على سبيل المثال منطقة اسعيذة .. و منطقة إقبارن .. إفاسين .. إلخ
أما المناطق التي هي على شكل هضاب أو هضبات فنذكر منها مثلا: منطقة اكرونة و هي عبارة عن بلدة كبيرة تتوفر على الكثير من البنايات السكنية و المكاتب الإدارية و الأبناك و المؤسسات التعليمية و غير ذلك من المرافق و يمكن اعتبار بلدة اكرونة القلب النابض لــكل قبيلة تمسمان و منطقة إشنيوان المتواجدة على مقربة من الطريق الساحلي
من الأماكن الأخرى التي هي على شكل هضاب منطقة أيت مرغنين و بني مرغنين بكل تقسيماتها من ثقسفت ندهار وصولا إلى أيث مرغنين السفلى كل هذه المناطق هي عبارة عن هضبات مختلفة الإرتفاع
أما المناطق الساحلية فمن أبرزها منطقة أيت تيار التي هي بالقرب من الساحلي تماما و كذلك منطقة أزغار الساحلية ..
أما المناطق المنخفضة فهي كــ بلدة بودينار و امعمران و ما جاورهما و كذلك منطقة السوق الأسبوعي خميس تمسمان و تعتبر بلدة بودينار أحد أهم الأماكن بتمسمان نظرا لتوفرها على العديد من المرافق الإدارية و الحكومية مثل الأبناك و المستشفى و المحكمة الأبتدائية و كذلك مؤهلاتها الإقتصادية الأخرى
كل هذه الأماكن التي ذكرتها ما هي سوى الأماكن الأكثر شهرة
هذا كان على شكل شبه تقسيم من الناحية الجغرافية و التضاريسية للمنطقة
أما إذا تحدثنا عن المؤهلات التي تتوفر عليها تمسمان فنجد الكثير و خاصة الطبيعية منها فتمسمان تتوفر على ساحل كبير جدا مما يجعل منها منطقة ذات مردود كبير على مستوى الصيد البحري
إضافة إلى توفر المنطقة على أراضي شاسعة خصبة و صالحة للزراعة فلو أحسن الناس التعامل مع كل هذه المؤهلات فإنها حتما ستعطي نتائج ملموسة أما انتظار المسؤولين ليفعلوا و يعملوا فهذا لن يؤدي إلى أي نتيجة فالمبادرة يجب أن تكون من السكان دون انتظار أحد ..
كما تتوفر منطقة تمسمان على جو معتدل حار صيفا و بارد شتاء .. أما فصل الربيع فإنه من أحسن و أجمل الفصول على الإطلاق حيث الأزهار الجميلة و النباتات الخضراء منتشرة في كل مكان ناهيك عن الهدوء الذي يسود المنطقة كونها منطقة يغلب عليها الطابع القروي في الكثير من مساحتها الجغرافية
أما في فصل الخريف فإن كل الفلاحين يستعدون لحرث أراضيهم الزراعية .. و تجدر الإشارة إلى أن عدد الفلاحين بالمنطقة بدأ يقل نظرا لقلة التساقطات التي تنزل على المنطقة مقارنة مع العقود القليلة الماضية . . ففي العشرين سنة الماضية كانت التساقطات أكثر بكثير مما هي عليها الآن و هذا هو السبب الذي جعل الكثير من الناس لا يحرثون أراضيهم إلا قليلا منهم
إضافة إلى أن الكثير من شباب اليوم لا يريدون مزاولة الأعمال التي كان يعملها أباؤهم مما أدى بهم إلى الإنزلاق في حافة البطالة !
كل هذه الأسباب أدت إلى تراجع المحصول الزراعي لقبيلة تمسمان الريفية و الآن تعتمد قبيلة تمسمان في كل مؤونتها على القمح الآتي من المدن الأخرى من المغرب أو الذي يستورده المغرب من أماكن أخرى ..
ليس المنتوج الزراعي فحسب من تراجع .. بل حتى المنتوجات الأخرى كــ الخضروات و السمك و غير ذلك لكن لا تزال هناك فئة من الناس النشطين في أعمالهم و الذين لا زالوا ينتجون و يساهمون في إنقاذ تمسمان من الإعتماد على المنتوجات الآتية من مناطق بعيدة . .
هذا من ناحية المنتوجات و خاصة الزراعية منها لأن تمسمان ليس فيها لا معامل و لا أي شيء آخر
أما من الناحية التعليمية فإن تمسمان تتوفر على ثلاث إعداديات و ثانويات و هي الثانوية التأهيلية بودينار المدرسة الجماعاتية إجطي [و هي أيضا إعدادية لكن ليست ثانوية] الثانوية التأهيلية تمسمان الموجودة في بلدة كرونة
إضافة إلى العديد من المدارس الإبتدائية التي تم توزيعها على القرى و المداشر البعيدة و النائية و لحسن الحظ فإن كل ساكنة تمسمان تلقت تعليمها الإبتدائي لأن المدارس ليست بعيدا جدا عن الناس كما هو الحال في بعض جبال الأطلس و غيرها من المناطق الأخرى من المغرب ..
و من الناحية الإقتصادية فإن تمسمان ليس لديها الكثير من المداخيل لأن ليس فيها مصانع و لا معامل و لا فرص عمل بل فقط العمل اليدوي التقليدي و بعض الحرف و المهن البسيطة كالبناء و التجارة و غير ذلك ..
و يرتكز اقتصاد المنطقة بشكل أساسي كما ذكرت حول بعض المحاصيل الزراعية إضافة إلى شيء قليل من الصيد البحري و هي غير كافية ذاتية فمعظم الأسماك التي تباع في سوق تمسمان آتية من أماكن و مدن أخرى و كذلك تربية الماشية لدى بعض الكسابة و هم قلة قليلة ..
و تجدر الإشارة إلى أن أهم مداخيل اقتصاد تمسمان تعتمد على التحويلات المالية لأبنائها الذين يعملون في أماكن أخرى خارج تمسمان سواء داخل الوطن أو خارجه و معظم الشباب هاجروا المنطقة في اتجاه أماكن و مدن أخرى أو حتى خارج الوطن .. لأنه لا توجد فرص عمل إلا قليلا جدا ..
لكن رغم كل ذلك تبقى تمسمان وردة جميلة و أيقونة عظيمة و زهرة متفتحة يفوح شذاها ليعطر كل أجواء الريف الكبير
فهي باقية بمجدها و بطولة أهلها في التصدي لأي شيء من شأنه النيل من كرامة أهلها
و سكان تمسمان جلهم أناس طبيعيون محترمون و مؤدبون و معدل الجريمة منخفض جدا إن لم نقل منعدم أصلا
في تمسمان الأمن و الأمان و السلم و الطمأنينة
أما عن التحركات التي قامت بها المنطقة من أجل فك العزلة عنها فقد كانت أهم مسيرة تلك التي شارك فيها الكثير من الناس و العديد من السيارت و نظمت و انطلقت في اتجاه العمالة الدريوش و قد كان الملف المطلبي يتضمن الكثير من البنود أبرزها مسألة فك العزلة عن بعض الأماكن
فبالرغم من وجود بعض الطرق التي تم بناؤها مؤخرا إلا أنه لا زالت هناك الكثير من الأماكن لم يتم فك العزلة عنها بعد و خاصة المناطق النائية و البعيدة عن المجال الحضري ..
فجل ما تم فعله يقتصر فقط على بلدة بودينار و اكرونة ,, أما المناطق الأخرى فلا زالت على حالها ...
و قد كان وعد العامل [عامل إقليم ادريوش] الناس المحتجين المنظمون لتلك التظاهرة كان قد وعدهم بالإستجابة للملف المطلبي و لحد الآن لم يتم الإستجابة لجميع المطالب بالرغم من الإستجابة للبعض منها ..
أما شبكة الكهرباء فإن كل الأماكن في تمسمان وصلتها الكهرباء الآن. و لم يبقى أي مكان بدون كهرباء و كذلك هو الشأن بالنسبة للتغطية الهاتفية هذا لأن الشركات تريد مصلحتها و ليس مصلحة المواطن التي جعلتهم يعملون ذلك ..
أما مياه الشرب فإن الساكنة لا تزال تعاني في بعض الأماكن النائية من عدم توفر الماء و الأماكن التي تم تغطيتها بالماء الصالح للشرب هي فقط بلدة اكرونة و بلدة بودينار و سوق تمسمان
أما باقي المناطق فلا تزال على حالها .. في انتظار أن يأتي من يزودها بالماء الصالح للشرب ..
و لأجل هذه الأشياء تقوم الساكنة من حين لآخر بتنظيم احتجاجات و مظاهرات سواء أمام مقر القيادة تمسمان بــ بودينار أو في اتجاه مقر العمالة في ادريوش ..
و لا تزال قبيلة تمسمان على حالها .. فمعظم الشباب لا يفكرون سوى في الهجرة . . إما إلى المدن المجاروة سواء الحسيمة أو الناظور أو أي مكان آخر .. أو خارج البلد ..
و هذا إن استطاع الإنسان فعل ذلك أما إن لم يكن باستطاعته الخروج فإنه لابد له من حسن التأقلم مع الواقع
و حتى إن خرج الإنسان بحثا عن لقمة عيش فإنه لابد من العودة إلى الأصل يوما ما .
